الخميس، سبتمبر ٢٢

التغريدة (62) شخصية الأسكندرية


يذكر الدكتور لطفي عبد الوهاب أن مصر عرفت في تاريخها القديم‏17‏ عاصمة كانت آخرها مدينة الاسكندرية التي أسسها الاسكندر الأكبر في‏331‏ ق‏.‏م‏.‏ ثم اتخذها مؤسس الأسرة البطلمية الحاكمة عاصمة لملكه في مصر عام‏305‏ ق‏.‏م‏,‏ وظلت المدينة الأولي في مصر قرابة ألف عام انتهت لدي الفتح العربي في642 ميلادية.
وعلي طول تاريخ المدينة العريقة  الممتد لأكثرمن ألفي وثلاثمائة عام كانت شخصية الاسكندرية في تلك الفترة حاضرة وشاهدة علي التاريخ وكانت لتلك الشخصية صفات كثيرة غير أن صفة معينة تبرز من بين الصفات التي اتسمت بها هذه الشخصية,كما يقول دكتور عبد الوهاب وهي صفة الصمود الذي لايعرف التراجع من جانب السكندريين إزاء أصحاب السلطة إذا أقدم هؤلاء الأخيرون علي تصرف يمس بالسوء مصلحة مدينتهم. ويدلل علي ذلك مقاومة شعب المدينة للمحتل الغاشم وتضحية السيد محمد كريم حاكم المدينة أثناء الحملة الفرنسية علي مصر الأمر الذي أدي إلي إعدامه بعد محاكمة صورية ورغم ذلك طرد المحتل وبقيت الأسكندرية وشعبها وبقيت ذكري السيد محمد كُريم حاكم المدينة الباسلة
ويحدثنا دكتور عبد الوهاب عن صفة أخري محورية في شخصية الأسكندرية وهي الاستقلال ومرجع هذه الصفة هو
البيئة التي أحاطت بالمدينة وتداخلت معها, بما لهذه البيئة من أبعاد: مكانا وزمانا وبشرا. وفيما يخص أول هذه الأبعاد فإن المكان الذي شغلته تلك المدينة يقع علي مسافة لابأس بها من الأرض الزراعية التي تشكل التكوين الأساسي لمصر, وهي مسافة تجعل في مقدور سكان الاسكندرية أن يحصلوا علي أساسياتهم المعيشية من هذه المنطقة دون أن ينخرطوا, بالضرورة, ضمن العمال الزراعيين الذين كانوا يعملون في أرض الدولة أو أرض المعابد, ومن ثم يدخلون في دائرة التبعية المركزية الحكومية أو الدينية. وقد أتاح هذا الوضع للسكندريين احتراف التجارة كمورد اقتصادي مستقل, مع شواطئ البحر المتوسط, وهو أمر أدي بدوره إلي تزويد السكندريين بالشخصية المستقلة عموما.
وهو الشعور الذي مازال متأصلاً في الشعب السكندري الذي يعتبرنفسه قائم بذاته ومتفرد في خصاله وبذلك تتفرد شخصية الأسكندرية عن غيرها من مدن مصر فهي بحق عروس البحر الأبيض المتوسط

ليست هناك تعليقات: