شجاعة نادرة
وقيل عن الملك عبد العزيز: انه يمثل في سيرته، سيف المعز، وعدل عمر، وذهب الرشيد.وقد بنى هذه المملكة العظيمة على أمرين:توفيق الله له، ثم جهده وسيفه، ومات رحمه الله وفي جسده ثلاث وأربعون طعنة. قتل أخوه سعد،وكان أثيراً عنده عزيزاً عليه، فنزل عن فرسه، وأخذ يقبله فسدد له بعض من يتربص به طلقة أصابت خمس رصاصات كانت في حزامه فشقت بطنه بجرح طوله 15 سنتيمترا، فكتم الأمر، وركب إلى الأحساء ودخل القصر، بل وتزوج في تلك الليلة. شكا رحمه الله من ألم في بطنه لازمه قرابة ستة أشهر، وعندما كشف عليه طبيبه الخاص «رشاد فرعون»،وجد أن هناك رصاصتين مستقرتين تحت الجلد،لابد من استخراجهما،فحضر المخدر لإجراء عملية استخراجهما، فانفجر رحمه الله ضاحكاً،وطلب إبعاد المخدر، وأمسك المشرط بيده فشق الجلد الذي فوق الرصاصتين،وأمر الطبيب أن يبدأ مهمته.كان رحمه الله يدير المعارك ويقود الجيوش بنفسه، شجاعته تتضاءل عندها الأخطار والمخاوف،وأي شجاعة أعظم من قصة فتحه مدينة الرياض، ثم كيف طوى مدن شبه الجزيرة وبلدانها الواحدة تلو الأخرى، فوحد قارة من البلدان في مدة لا يقدر عليها إلا الشجعان أمثاله. تعرض للموت مرات،وجرح مرات،وهو ماض في تحقيق هدفه لا يخشى إلا ربه, حافظ وهبة كان أحد رجال الملك عبد العزيز،حضر معه أكثر من معركة وكان ممن رابط معه في الرغامة أثناء محاصرته لمدينة جدة، ماذا يقول؟ يقول: كان عبد العزيز يدير معاركه بنفسه،وكان رائده في معاركه خالد بن الوليد.. وأشهد أن جلالته بالرغم من الأخطار التي كانت تحيط به، ما كان يتزحزح من مكانه، لقد سقطت قنبلة أمام خيمته على بضعة أمتار، كما سقط غيرها على المخيم في الرغامة خلف التلال. الملك فيصل رحمه الله (ومن أصدق وأدق حديثاً منه عن والده رحمه الله) يقول:» قوة إرادته وشجاعته التي تبرز في أحرج الموقف،وأدق الظروف، وأذكر على سبيل المثال أنه كان في موقعة تدعى ((معركة الحريق)) فدارت الدائرة أثناء القتال على جيشه،وهم الجنود بالفرار،فبرز في مقدمة الصفوف ممتطياً جواده،ومتقلداً سيفه ونادى: (( أيها الأخوان من كان يحب عبد العزيز فليتقدم،ومن كان يؤثر الراحة والعافية فليذهب إلى أهله،فوالله لن أبرح هذا المكان حتى أبلغ النصر، أو أموت))، فسرت الحماسة والحمية في نفوس الجند،وعادوا،فشدوا على أعدائهم وكان لهم الفوز. كان كثير من جند عبد العزيز يمشي حافي القدمين، فكان يخلع نعليه،ويمشي مثله حافي القدمين، فعند ما واجه ابن رشيد عند قصر ابن عقيل خاطب جنده: أنا واحد منكم ومثلكم، أنتم ماشون وأنا ماشي، أنتم حفاة وأنا والله لا أنتعل،وهذا نعلي، وهذا ذلولي فمشى أمامهم حافياً، ومشوا وراءه متحمسين، فتحقق لهم النصر. كان جلداً صبوراً، قد يقاتل طوال النهار وقسطاً من الليل،ويغير سيوفه عدة مرات في المعركة الواحدة. قضى في الفروسية عشرين عاماً، لم يذق فيها طعم الراحة؛ فهو اما محارباً، وإما مستعداً لحرب.
المصدر
http://www.al-madina.com/node/265573
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق